كيف يشفي الجسم نفسه

كيف يشفي الجسم نفسه … غير أنَّ هذه المعجزة الطبية ترافقت بآثارٍ جانبيةٍ سيئةٍ وخطيرةٍ في كثيرٍ من الأحيان، منها: انتشار الإدمان على العقاقير الطبية، وقوى معارضة الجراثيم والبكتيريا للمضاداتِ الحيوية، بالإضافة إلى إنفاق مزيدٍ من الأموال على أدوية وعقاقير التخزين الصحية.

كيف يشفي الجسم نفسه

كيف يشفي الجسم نفسه
كيف يشفي الجسم نفسه

 

يقول المنقب الطبي والفيلسوف الطبيب “جيريمي هويك” (Dr. Jeremy Howick): “إنَّ الطب الحوار قد حقق إنجازاتٍ جليةً في تحويل حياتنا باتجاه الأمثل، إلا أنَّنا فقدنا كذلكً المقاييس الضرورية لكيفية تحديد الكمية المحددة الحادثة منه؛ خسر طوَّرنا أدويةٍ فعَّالةً للأمراض التي قتلت الآلاف بلا رحمةٍ في السابق، لكنَّنا نتكبد هذه اللحظة من مشكلةٍ حديثة: إنَّها كثرة استخدام العقاقير؛ فنحن بحاجةٍ ماسةٍ إلى الدواء، إلا أنَّنا أصبحنا نستهلك العديد منه، لدرجةٍ أدَّت إلى فقداننا السيطرة، ولم يعد استهلاكنا لها صحيَّاً على الإطلاق”.

 

إنَّ التصرف مع الجسد على أنَّه عضوٌ إلتقىٌ للشفاء الذاتي ليس بجديد، حيث أنَّ الشفاء الغامض لكثيرٍ من الأمراض كان ينتج ذلك دوماً منذ أن وُجِد الطب، بلَّ أحداً لم يتوقَّف لدى تلك الظاهرة التي كانوا عادةً ما يُرجِعونها لأسبابٍ عدةٍ ومختلفةٍ وغير علمية؛ ولقد لاحظ قدامى الأطباء في جميع أنحاء العالم أنَّ الزمن والمراعاة الكافيين يحفزان قوى الشفاء الذاتي للجسد. وطبعا، ذلك استنتاجٌ متواضعٌ وغير مكلف، فكلُّ ما عليك القيام به هو جمع عدد محدود من الملاحظات من الطبيعة، وعدد محدود من الأفكار الموروثة، وأدوات علاجٍ بدائية.

إلا أنَّ احتمال الوصول لهذه القناعة في يومنا ذلك يحتسبُّ ضعيفاً، وهذا لسببٍ فردٍ وأساسي: إحساسنا بالأهلية والاستحقاق؛ فوجود الترسانة الطبية التي ترافقت مع الاستحواذ على العلاجات العجائبية التي ظهرت في القرن العشرين، ولَّدت قناعةً متينةً وثابتةً بأنَّه ينبغي أن يكون ثمة قرص علاجٍ لجميعِّ مرض، أو أن يكون هناك علاجٌ قيد التطوير، أو في طور البحث عن دفع نفقاتٍ له؛ وقد نتج عن هذا التوقع أعدادٌ كبيرة جداٌ من العلاجات الدوائية، إلا أنَّها في الوقت نفسه شوَّهت عندنا مفهوم نمط الحياة الصحي.

في يومنا ذلك، ثمة نحو 20٪ من الأمريكيين يتناولون خمسة عقاقير طبيةٍ على الأقل كل يومً، وغالباً دون سابق علمٍ أو فهمٍ بأسلوب تفاعل هذه العقاقير مع بعضها بعضاً؛ ولهذا تمثِّل الأخطاء الطبية المبرر الـ3 للوفيات في أميركا بعد الأمراض القلبية الوعائية والسرطان، مثلما وتقتل وصفات الأدوية الطبية الخاطئة وحدها زيادة عن 100000 أمريكيٍّ مرة واحدة فى السنةً.

وفي الزمن ذاته، ينظر باحثو العقاقير إلى قدرة البدن على الشفاء الذاتي حتّىَّها منشأ إرباكٍ على المستوى الإحصائي زيادة عن كونها نعمة؛ ولكي يتأكَّدوا من فعالية الأدوية ومقدرتها الشفائية، يقتضي أن تُثبِت المساعي توفيقها على الدواء الغير واقعي (Placebo)، وهو مادةٌ تبدو كدواءٍ لكنَّها لا تتضمن على مواد مُجديةٍ لها نفوذٌ في صحة متعاطيها، ويطلق عليه ايضاًً اسم: “العلاج الخيالي”.

يُستخدم العلاج الخيالي في الدراسات العلمية الطبية، إذ يُقسَّم المشاركون إلى مجموعتين، الأولى تتعاطى المبنى الحقيقي، والثانية تتعاطى العقار الوهمي؛ ولا يدري المشاركون بهذا، حيث يرنو إعطاء العقاقير الغير واقعية إلى دراية ما إذا كانت نتائج العقار الذي ما يزال قيد الاختبار حقيقيةً أم أنَّها لا تختلف عن الدواء الغير واقعي الذي لا يحتوي أيَّ مواد فعَّالة.

إنَّ النفوذ الغير واقعي لا يتحدد ويتوقف على استخدام أقراص العقاقير فقط، وإنَّما يشمل أيضاًً تصرف إجراءاتٍ جراحيةٍ مزيفة، وقد قامت دراسةٌ جديدةٌ في جامعة أكسفورد (Oxford University) بتفحُّص زيادة عن 50 مسعىٍ للعلاج الغير واقعي على أنواعٍ مغايرةٍ من تقنياتٍ جراحية، ووجدت أنَّ العملية الجراحية الخيالية كانت فعَّالةً على الإطلاقً مثل الجراحة الحقيقية، وذلك في زيادة عن نصف المحاولات.

قد نميل إلى الاعتقاد بأنَّ تأثيرالعلاج الوهمي هو صنفٌ من الدجل والخداع الذي يمكن أن يتسبب في تحيزاً في نتائج الاختبارات، ولهذا العلة جرى اللجوء إلى استخدام المحاولات المزدوجة التعمية، وهي التجارب التي يكون فيها الفاحص والخاضع للفحص كلاهما مُسادَّى (معصوب العينين)، وليس باستطاعتهم تحديد من يأخذ العلاج الخيالي ومن ينال الدواء الأصلي.

إنَّ تأثير العلاج الخيالي ليس سحرياً، لكن هو نتيجةٌ لتفاعل الأسباب النفسية والبيولوجية التي تعمل داخل البدن. ففي دراسةٍ أُجرِيَت عام 2016 في كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School)، اكتشف الباحثون أنَّه حتَّى وقتما جرى إخبار السقماء أنَّهم يتناولون حبوباً غير واقعية، فإنَّ مجرَّد وصفها من قبل طبيبٍ حقيقيٍّ أدَّى إلى تغير للأحسنٍ كبيرٍ في أوجاع الظهر التي عانوا منها.

وتشير دراسةٌ جديدةٌ إلى أنَّ العلاج الوهمي المعطَى مع دراية المتلقي التامة بأنَّه علاجٌ وهمي، قد يكون له تأثير سريريٌ كبيرٌ إجتمعٌ للقياس، وقد جرى استعماله في دواء عديدة أمراض، منها الكدمة بالقولون العصبي، والاكتئاب، والتهاب الأنف التحسسي، وقلاقِل فرط الحركة؛ وقد كان له تأثيراتٌ جيدة ومحفزةٌ ملحوظةٌ في تحري حالات شفاء.

إنَّ نفوذ الدواء الوهمي ليس بحت مكيدةٍ للعقل، إلا أن إنَّه يشتغل على الاستفادة ممَّا يسميه الطبيب جيريمي هويك “الصيدلة الداخلية” الخاصة بنا، والتي تتضمَّن المواد الكيميائية ذات النفوذ الشبيه بالعقاقير التي تُنتَج بأسلوبٍ طبيعيٍ داخل أجسامنا.

إنَّ إدراكنا ومعرفتنا ضرورة الصيدلة الداخلية المتواجدة عندنا قد يجعلها أكثر فعالية، إذ بيَّنت إحدى البحوث التي عاينت المرضى قبل الجراحة دومين نفوذ هذه القناعة على استخدام مسكنات الألم، فقد أخبر الباحثون 1/2 المرضى عن مادة الإندورفين -مادةٌ كيميائيةٌ مسكنةٌ للإيذاء متواجدةٌ بشكلٍ طبيعي في أجسامنا- فيما لم تتلقَّ المجموعة الأخرى من السقماء هذه المعلومات؛ وبعد الانتهاء من فعل الإجراءات، نهض كلُّ واحدٍ في المجموعة التي لم يجرِ إخبارها بطلب وصفاتٍ لمسكنات الألم، بينما أنَّ 10٪ فقط من المجموعة التي حصلت على المعلومة قد طلبت مسكنات ألم.

لذا، إذا كان بالإمكان حث الصيدلية الداخلية ببساطةٍ بواسطة الإيحاء، فلماذا لا يبذل مزيدٌ من المجهود لتعزيز آلية الشفاء الذاتي هذه؟ يعتقد الدكتور هويك أنَّها موضوعٌ ربحيةٌ في المقام الأكبر، إذ تعتمد الصناعة الطبية على ضرورة تسويق العقاقير، زيادة عن اعتمادها على أرجحية تقصي الشفاء والتحسُّن للمرضى.

يقول الطبيب هاويك: “إذا كنت تعمل في جلاكسو سميث كلاين، فأنت تستطيع الاستمتاع بتواجد كافيتريا تتيح طعاماً صحياً، وهو أكثر جدوىً ممَّا قد تحصل عليه من إستظهارٍ صحيةٍ في أيِّ مشفى. إنَّهم ايضاًً يدرِّبون العاملين عندهم على التأمُّل واعتياد أداء اليوغا، ولديهم برامج لمساعدة سيطرَّالهم على تجنُّب استخدام العقاقير الدوائية؛ فيما أنَّ عملهم الحالي على صناعة الأدوية يوحي لنا بتناول مزيدٍ منها.”

كيف يشفي الجسم نفسه … لكن ولحسن الحظ، نحن لسنا بحاجةٍ إلى المعجزات الطبية إذا ركَّزنا على قوة الشفاء الذاتي، وعلى قدرة أجسامنا في الإنتعاش والتجدد؛ حيث يُعدُّ النسق الغذائي الصحي وأداء التدريبات الرياضية فى جميع الاوقاتٍ من التّخطيطات الهامَّة والأساسية في تنقيح صحتنا، إضافة إلى وجود الكثير من الأمور الأخرى التي يمكننا القيام بها، والتي تؤثِّر تأثيراً مباشراً في سلامتنا النفسية والبدنية؛ منها: إبقاء أصدقائنا بقربنا، ومزاولة العرفان، والنظرة الموجبة المتفائلة في الحياة؛ والتي من المحتمل أن يكون اليسير منَّا على درايةٍ بمدى أهميَّتها، ولقد سلَّط العلم المحادثة بأسلوبٍ هائلٍ الضوء على تلك السلوكات، وعلى إمتيازاتها العلاجية السحرية.

يقول الدكتور هاويك: “لقد أجريت المراقبة والقياس بخصوص الأشياء المتعارف عليها بين الناس تشييدً على التقاليد، وبالطريقة ذاتها التي نقيس بها تأثيرات الأدوية الطبية. إنَّ سلوكات وأخلاق الطبيب في خلال التصرف مع السقماء يمكن أن يشكل لها تأثيرٌ قابلٌ للقياس على صحتنا؛ حيث أنَّ الدكتور الذي يُشعِر المريض بالتعاطف يمكن أن يهبه ويقدِّم إليه المزايا ذاتها التي تؤديها الأدوية المتوفرة دون وصفاتٍ طبية، والمسؤولة عن تخفيف الوجع والاكتئاب والقلق”.

كيف يشفي الجسم نفسه

حالَما يشار إليها باسم “حفظ المرضى”، فإنَّ التعاطف يقتضي أن يكون التصرف الذي يميز أسلوب التعامل، وهو من أكثر الأشياء القريبة من وسط الطبيب هويك وتثير اهتمامه، وهو هذه اللحظةً يشغل مركز وظيفي مدير برنامج التعاطف في جامعة أكسفورد، والذي يبحث في أسلوب وكيفية ومدى تأثير التعاطف في الشفاء، وقد عرَض فرقته مؤخراً إعادة نظرً منهجيةً للتجارب العشوائية توضِّح نطاق قوتها في الإنتعاش.

كيف يشفي الجسم نفسه … فقد وجدت واحدة من البحوث أنَّ الأطباء الذين تلقوا تمارينٍ عن التعاطف انخفضت أوجاع مرضاهم بمعدل نقطةٍ واحدةٍ على معيارٍ مكونٍ من 10 نقط. قد لا يظهر التأثير كبيراً، إلا أن يكفي أن يهبط شعورك بالوجع الشديد حتّى يصبح متوسطاً أو خفيفاً، فبالنسبة إلى بعض السقماء، من الممكن أن يُحاجزِث ذاك التحول الضئيل فارقاً كبيراً.

يقول الدكتور هويك: “في سياق محنة المواد الأفيونية، يبدأ الأفراد عادةً بتناول جرعاتٍ ضئيلةٍ منها، وبالتاليَّ يقودهم ذاك الطريق إلى مزيدٍ من هذه الأدوية المخدرة الصلبة، وبالنسبة إلى الكثيرين ينتهي ذاك بالإدمان والموت. فيما أنَّ التخابر والتعاطف، يمكن أن يكون ناجعاً ومفيداً في مثل هذه الحالات”.

من أسباب فعالية التعاطف، مساعدته في تخفيف الشعور بالوحدة الذي يعاني منه العديد منا، وقد توصَّلت عدد محدود من البحوث حتّىَّ الشعور بالعزلة والوحدة ضارٌ بالصحة وله تأثيراتٌ سلبيةٌ سيئةٌ تعادل أثر شرب السجائر، حيث أنَّ وجود فردٍ أحدث نستطيع مشاركة مخاوفنا واهتماماتنا برفقته يمنحنا الشعور بالدعم والتعاطف الذي نحتاجه بقوة، ويقلِّل من إجهادنا.

كيف نجد الكمية المحددة المناسبة

إذاً كيف نستطيع أن نحدَّد متى نأخذ الدواء، ومتى نترك الطبيعة تأخذ مجراها

أولاً: يلزم أن نحط في اعتبارنا حدَّة وأهمية الإشكالية التي نتكبد منها، فمثلاً: من الممكن أن يكون العلاج الوهمي ناجعاً في حالاتٍ مثل الصداع الخفيف، أكثر من الأدوية الحقيقية. ولكن، بالطبع توجد مشكلات صحية عارمة تتطلَّب مزيداً من التدخل. يقول الطبيب هويك: “إذا تعرَّضت إلى حادث سيارة، عليك أن تتوجَّه مباشرة إلى المركز صحي، ولكنَّ معظم الأشياء التي تدفعنا إلى زيارة طبيب الأسرة عادةً هي مظاهر واقتراناتٌ بسيطة لا تفتقر إلى تدخّلٍ دوائي؛ لذا حينما تفتقر إلى إستظهارٍ طبية، اختر العلاج الأكثر تحفظاً، والأقلّ سعر، والأقلّ خطورةً في الدرجة الأولى”.

قد تكون هناك ضرورةٌ منقذةٌ للحياة لاستخدام بعض الأدوية والتدخلات الجراحية، إلا أن يقتضي أن نعيَ أنَّ لها أيضاً آثاراً جانبيةً أسوأ من المرض الذين وُجِدت لعلاجه. عند اجتماع أيِّ مشكلةٍ صحيةٍ خطيرة، عليك أن تأخذ بالحسبان الدليل الظاهر خلف العلاج الإفتراض، فكمثال على هذا: بالعادةً ما تكون الأدوية السرطانية القوية كاستخدام العلاج الكيماوي الخيار الأكبر لدى المرضى الميؤوس من بينهم؛ بلَّهم نادراً ما يدركون أنَّ هذه الممارسات القاسية لم يجرِ الرضى فوقها بناءً على المحاولات.

الدكتور هويك يشرح لكم كيف يشفي الجسم نفسه

يقول الدكتور هويك: “لقد استندت أغلب تلك المساعي على نشاطات الاستئصال كنتائج لتقليص الورم، وهو يُعدُّ إجراءً جوهريَّاً من وجهة النظر الفيزيولوجية المرضية، إلا أنَّه قد يعود مرَّةً أخرى وبقوّةٍ أكبر”. يمكن للطب الحوار أن ينقذنا من الأوضاع الصحيّة القاسية، ولكن من أجل الحفاظ على الصحة العامة، ابحث عن الأساليب والطرائق التي تدعم عمل نهج الشفاء الذاتي لجسمك.

كيف يشفي الجسم نفسه

اطلع مؤخراً الطبيب “إد باجيت” (Ed Paget) – وهو اختصاصي تنقيح العظام ومدير رياضي إعداد وتدريبٍ للحركة، من ألبرتا -كندا- على حالةِ موبوءَةٍ تتكبد من الصداع النصفي لأكثر من ستة أشهر. يقول الدكتور باجيت: “كان الأمر سيئاً بشكل كبير، حيث أنَّها لم تتمكن من التقدم، وقد اضطرت إلى ترك المدرسة، وهي بحاجةٍ حتّى تذهب إلى المستشفى فحسب من أجل تخفيف حدة الوجع. لقد تطلَّب الوصول إلى مسبِّصار ذلك الوجع عدد محدود من التخدير، إذ فحصنا جميع أجزاء جسدها التي من الممكن أن تؤثِّر أو تسهم في الصداع النصفي، والشيء الأوحد الذي وجدناه كان سقوطها منذ مدةٍ قريبةٍ فوق منطقة عظم العجز، ولذا قبل أن تحس بالصداع. لقد اختفى الصداع النصفي بتصرف بعض الحركات الخفيفة لاسترداد عظم العجز إلى موضعه.

إنَّ الجسم في حالةٍ مطردة من التعافي، وحتَّى لو كنت تعاني من مرضٍ عضالٍ كالسرطان، فإنَّ أيَّ جرحٍ يأتي ذلك سوف يتوقف نزيفه وينغلق في التتمة، حيث يستطيع الجسم أن يعالجه ويشفيه على الرغم من وجود السرطان في مكان أحدث منه. في أكثرية الأحيان، ينبغي أن نبحث خلف العوامل التي تعيق إنتعاش جسدنا، وضيفها؛ وبعدها ندع للطبيعة الدور الباقي”.

وأخيراً: يجب أن تدرك أنَّ لجسدك تمكُّنً مذهلةً في الدواء الذاتي، وبأنَّ طبيبك الداخلي يعتني بك ويمدك بالقوة، فيخلصك من نزلات البرد المنرفزة والمغيظة، ويشفي أغلب الجروح والكسور. إنَّك جزءٌ من تلك الطبيعة التي تذخر بصور وآليات التجدد والشفاء والإنتعاش، ونحن كجزءٍ من الطبيعة تُبدي أجسامنا ميزاتٍ مطابقة، إذ تصنع أجسادنا في كلِّ 15 دقيقةً مليار ونصف خليةٍ جديدة، ونمتلك عظاماً صلبة، ويسبح في أوعيتنا الدموية ملايين الخلايا التي تحاول دائماٍ إلى مكافحة الميكروبات والجراثيم الضارة وتدمِّرها.

قد يقول بعض الأفراد: “حسناً، إذا كان الجسم بهذه الجدارة العالية، فكيف نمرض؟”، في حين يقتضي أن يكون السؤال بطريقةٍ أخرى، وهي: “كيف يمكن لنا حماية وحفظ حياتنا مع ذاك الكمِّ الضخم من الجراثيم والطفيليات التي تدخل إلى أجسادنا أثناء الزمان؟”.

يقول الدكتور هويك: “حقيقة أنَّ أغلب الناس يتمتعون بصحةٍ جيدةٍ أثناء حياتهم كلفٌ خارقٌ ويثير الدهشة، وهو أكبر دليلٍ على القدرة المذهلة لبدن الإنسان في الإنتعاش والشفاء”.