دور الجيش في ثورة 30 يونيو

دور الجيش في ثورة 30 يونيو .. 4 أيام هى كل ما جرى فى المسافة ما بين 30 حزيران حتى 3 يوليو 2013 فى جمهورية مصر العربية، غير أنها أيام فارقة فى تاريخ جمهورية مصر العربية هزت المساحة والعالم ورجت أركانه مناشدة. لم يكن أكثر المتفائلين بالتغيير الثورى يتكهن ما وقع، إلا أن إرادة الشعب كانت فوق أى تصور وكل تكهن، وأتى انحياز القوات المسلحة للشعب ليحدث الصدمة الكبرى لصانعى ومخططى الخطط والإستراتيجيات فى العواصم العالمية الكبرى فى واشنطن ولندن وفى مجموعة من العواصم الإقليمية بالمنطقة أو خارجها.

دور الجيش في ثورة 30 يونيو

دور الجيش في ثورة 30 يونيو
دور الجيش في ثورة 30 يونيو

من حاول أن يجعل من الفأر أسدا وظن أن يلتهم كل من يعارضه، ومن جعل من فصيل لا يمثل بالنسبة لجموع الشعب المصرى أكثر من حى مزدحم من أحياء القاهرة على أكثر إشادة، هو الفصيل الأول والأكثر قدرة على السيطرة والقيادة.. كانت صدمته مذهلة، ولقد قدموا جميع الأشياء للإخوان ليستولوا بالترهيب والترغيب على حكم جمهورية مصر العربية. مليارات الدولارات تدفقت والدعم السياسى لم يتوقف لأحكام إحكام القبضة على جمهورية مصر العربية تمهيدا لفرض ومواصلة سيناريو الوضع الحرج الخلاقة حتى الآن جمهورية العراق وسوريا.

4 أيام اختزلت مأساة وطن مع حكم جماعة وأهل وعشيرة لوطن بمعدل جمهورية مصر العربية وتاريخه وحضارته وعراقته.. 4 أيام أصابت العالم “بالصدمة والدهشة” ولم يفق منها إلا وقد طرد الشعب جماعة التطرف المسلح، وامتلك مصيره بيده، وأصبح هو الوالي الفعلى.

التاريخ سوف يتوقف طويلا للوقوف فوق ما حدث فى مصر من ثورة هائلة كالسيل الجارف ابتلعت فى طريقها كل الخونة والمتآمرين والمتربصين والموهومين ويؤمنها ويدافع عنها ويحميها القوات المسلحة المصرى فى صورة عبقرية تستعيدها الذاكرة فى ثورات جمهورية مصر العربية الكبرى والمجيدة، ففى 23 يوليو 52 نهض الجيش بالثورة وأيده وانحاز إليه الشعب، وفى ثلاثين حزيران ثار الشعب وحمى ثورته القوات المسلحة.. وقائع وأسرار كثيرة فى نهر الأيام الأربعة بعضها صار معروفا ومتداولا والكثير منه مازال تخفيه أقوال وشهادات ومستندات على الأرجح لا يجيز الوضعية التاريخى بالكشف عنها الآن.

لكن ما هو معلوم أن تلك الجماعة كانت مثل “فرس طروادة” الذى يحمل بداخله كل الطامحين والمتآمرين والمتربصين بمصر فى المساحة وخارجها، هؤلاء تصوروا أن لحظة قطف ثمرة جمهورية مصر العربية قد حان لبسط النفوذ على المساحة وتفكيك القوات المسلحة الأقوى بها، مثلما حصل مع القوات المسلحة العراقى والقوات المسلحة العربى فى الجمهورية السورية ولم يتبق إلا الجيش المصرى، كان المخطط إغراق مصر فى إسكربت الفوضى والفتنة والطائفية والتشتت والتجزئة، وقد بدأت إرهاصاته فى سنة الإخوان السمراء، وتجزئة جمهورية مصر العربية إلى مسلمين ومسيحيين وسنة وشيعة وجماعة وعشيرة وقوى سياسية علمانية، تاهت شكل وجه الوطن وضل الطريق وكاد أن يغرق فى بحر الظلام والإرهاب.

بقدر الخطر ومقدار المخاوف على مصير الوطن، كانت الصرخة مدوية والخروج إلى المجالات والشوارع مدهش ومبهر فى يوم ثلاثين حزيران، اندفع أكثر من 30 مليون مصرى من كل حدب وصوب لتلبية نداء واستغاثة جمهورية مصر العربية للمطالبة برحيل الإخوان وإسقاط نهج حكم الأهل والعشيرة وتعالت الأصوات فى الميادين والشوارع فى جميع مناطق المحروسة لهبوط القوات المسلحة والمشير السيسى وقتها.

لم يفهم الإخوان حقيقة الخروج وكالعادة حاولوا إخفاء الحقيقة وتزييف الواقع وقللوا من مقدار الحشود رغم اعتراف وسائل الإعلام الأجنبية بهول الخروج الضخم للشعب المصرى.

فى اليوم التالى زادت الجماهير ضخامة وعددا ولم يستمع الإخوان لصرخات الحنق وصوت الشعب، فلبت القوات المسلحة نداء الشعب وأصدرت إخطارها المشهور فى عصر يوم الإثنين 1 تموز يمهل القوى السياسية وقت إضافي مدتها يومان لتحمل جهود الظرف التاريخى، وأوضح البيان أنه فى حال لم تتحقق مطالب الشعب طوال هذه المرحلة فإن كتائب الجيش ستعلن عن خارطة مستقبل وتدابير تشرف على تطبيقها.

شددت القوات المسلحة، فى إشعارها أنها تعى جيدًا المخاطر التى تتربص في مصر، لذا فمن الواجب عليها، انطلاقًا من دورها الوطنى أن تؤكد على الآتي:

“شهدت الساحة المصرية والعالم أجمع البارحة مظاهرات وخروجًا لشعب جمهورية مصر العربية العارم؛ ليعبر عن رأيه وإرادته بأسلوب سلمى وحضارى لا مثيل له”.

“لقد رأى الجميع حركة أهل مصر، وسمعوا صوته بأقصى درجات التبجيل والاهتمام.. ومن المحتم أن يتلقى الشعب ردًّا على حركته، وعلى ندائه من كل طرف يحمل على عاتقه قدرًا من المسؤولية فى هذه الأوضاع الخطرة المحيطة بالوطن”.

” إن القوات المسلحة المصرية كطرف رئيسى فى معادلة المستقبل وانطلاقًا من مسؤوليتها الوطنية والتاريخية فى حماية أمن وسلامة هذا الوطن، تؤكد على الآتى:

“أن كتائب الجيش لن تكون طرفًا فى دائرة السياسة أو الحكم، ولا ترضى أن تخرج عن دورها الأمر التنظيمي لها فى الفكر الديمقراطى الراسخ، النابع من إرادة الشعب”.

“إن الأمن القومى للبلد معرض لخطر صارم تجاه التقدمات التى تشهدها البلاد، وهو يلقى علينا بمسؤوليات كل حسب موقعه للتناقل بما يليق من أجل درء هذه الأخطار”.

“لقد استشعرت القوات المسلحة باكرًا خطورة الموقف المتواجد، وما تحمله طياته من مطالب للشعب المصرى العارم، ولذلك فقد في مرة سابقة أن حددت مهلة أسبوعًا لجميع القوى السياسية بالبلاد؛ للتوافق والخروج من الأزمة، لكن ذلك الأسبوع مضى دون ظهور أى بادرة أو تصرف، وهو الذي أفضى إلى رحيل الشعب بتصميم وإصرار، وبكامل حريته على هذا النحو الباهر الذى حرض الإعجاب والتقييم والاهتمام على الدرجة والمعيار الداخلى والإقليمى والدولى “.

” أن ضياع زيادة من الوقت لن يحقق سوى مزيدًا من الانقسام والتصارع الذى حذرنا ولا زلنا نحذر منه “.

“لقد تكبد ذاك الشعب الكريم، ولم يجد من يرفق به أو يحنو عليه، وهو ما يلقى بعبء أخلاقى ونفسى على قوات الجيش، التى تجد لزامًا أن يتوقف الجميع عن أى شيء بخلاف احتضان ذلك الشعب الأبى الذى برهن على استعداده لتحقيق المستحيل إذا شعر بالإخلاص والتفانى من أجله”.

“أن كتائب الجيش تعيد وتكرر طلب الحضور لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميــع [48] ساعة كفرصة أخيرة؛ لتحمل أعباء الوضعية التاريخى الذى يتجاوز به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأى قوى تقصر فى صبر مسؤولياتها”.

وتهيب كتائب الجيش بالجميع بأنه إن لم تتحقق مطالب الشعب خلال الوقت الإضافي المحددة فسوف يكون لزامًا فوق منها؛ استنادًا لمسؤوليتها الوطنية والتاريخية وإجلالًا لمطالب شعب جمهورية مصر العربية العظيم، أن تنشر عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تطبيقها، وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة، بما فيها الشباب الذى كان وما يزال مفجرًا لثورته المجيدة.. ودون إبعاد أو استبعاد لأحد”.

“تحية إشادة وإعزاز إلى رجال كتائب الجيش الأبرار الأوفياء الذين كانوا ولا يزالوا متحملين مسؤوليتهم الوطنية إزاء شعب مصر الضخم بكل عزيمة وإصرار وزهو واعتزاز.

حفظ الله مصر وشعبها الأبى الضخم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”

فى أعقاب ذاك، طالب جميع من حزب النور السلفى والاستدعاء السلفية المنفصل محمد مرسى بالموافقة على إجراء انتخابات رئاسية باكرة، وفى نفس اليوم استقال خمس وزراء من السُّلطة المصرية تضامنًا مع متطلبات المتظاهرين، ورِجل ثلاثين عضوًا فى مجلس الشورى استقالاتهم، وايضاً محمد كامل عمرو وزير الخارجية قدم استقالته.