سبت النور من القدس

سبت النور من القدس .. تُعتبر احتفالات “سبت النور” من أكبر وأكثر أهمية الاحتفالات التي تجري في كنيسة القيامة (فرانس برس)شاشة كاملة

في تقدم خطير مرتبط بسلطة قضاء الانتزاع على الكنائس المسيحية، أصدرت محكمة الإنصاف العليا في أرض الأقصى المحتلة، فجر اليوم الخميس، قراراً يتيح بدخول 4000 مشارك في احتفالات “سبت النور”، في كنيسة القيامة في المدينة القديمة في مدينة القدس الشرقية، عوضاً عن 1500 مشترِك، كانت قد اقترحته شرطة الاحتلال الإسرائيلي في مرة سابقة.

سبت النور من القدس

سبت النور من القدس
سبت النور من القدس

وكانت مؤسسات مقدسية أرثوذكسية قد قدّمت التماساً إلى المحكمة العليا في إسرائيل في مواجهة أمر تنظيمي سلطات الانتزاع فريضة قيود على المسيحيين المشتركين في احتفالات “سبت النور” في كنيسة القيامة ثبت يوم الأربعاء في فلسطين المحتلة.

واستمر التبادل في الجلسة بأروقة القضاء بخصوص الالتماس منذ ساعات ظهيرة الاربعاء، وطالب القضاة الجانبين بالتوصل إلى اتفاق بينما بينهما، بل فشلت التجربة.

واستمرت جلسة المحكمة بإشراف ثلاثة قضاة، لمدة أربع ساعات ونصف، وهي المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة العليا قراراً بذاك الموضوع.

وسابقاً، كان ثمة التماس عام 2014 وعام 1993، في حينه لم يصدر عن المحكمة أي مرسوم، وقد كانت تنتهي المداولات بتفاهمات مع قوات الأمن، وبعدها تتهرب الأخيرة من التزاماتها.

وتُعتبر احتفالات “سبت النور”، من أضخم وأكثر أهمية الاحتفالات التي تجري في كنيسة القيامة.
سابقة قضائية

وفي حديث لـ”العربي الجديد”، قالت مناشئ كنسية فضّلت عدم ذكر اسمها: “إن ذاك المرسوم يشكل سابقة قضائية يلجئ إليها الانتزاع كلما أراد إنفاذ قيود على المحتفلين بسبت النور، كما يطرح تساؤلات أخرى سيطرّا إذا كانت هذه القضية قد أعطت محاكم الاحتلال سلطة لم تكن متواجدة سابقاً على كنيسة القيامة”.

وفي ذلك السياق، قال المحامي إلياس خوري، من طاقم الحماية الذي قدّم الالتماس إلى المحكمة، إنه “صدر مرسوم المحكمة صبيحة اليوم، وتبنت أجهزة الأمن الرضى فوق منه، لكن جزءاً منه لم نوافق عليه”.

وفسر خوري، لـ”العربي الجديد”، أنه بمقتضى القرار، سوف يسمح بدخول 4 آلاف واحد إلى الكنيسة، من بينهم 1800 في نطاق كنيسة القيامة، والباقي في باحتها، مشيراً إلى وجّه المحكمة بأن تبقى البلدة القديمة مفتوحة، ولا سيما حيّ المسيحيين، مع إمكانية دخول كل واحد، وصلاحية للشرطة بأن تقوم بتقييدات للدخول.

وأشار حتّىّ ذاك المرسوم “إنجاز فيما يتعلق إلى الحال الفائت في دخول 1500 فحسب والمدينة القديمة مفتوحة للسكان ودخول حيّ النصارى بشكل حر”.

وواصل خوري أنّ “الشرطة كانت قد توجهت قبل 6 أشهر إلى زعماء الكنائس بغية تأخذ إتجاه نظرهم في العدد المبتغى للمشاركة في الاحتفالات، بعدما يقوم ماهر ومتمرس في البحث بذلك المسألة”، متابعاً: “المؤسف أنّ زعماء الكنائس لم يكلفوا خاطرهم أن يتواصلوا مع المسؤولين بالطائفة كي نفحص الأمر”.

وخرج من قائلاً: “نحن كمؤسسات عربية أرثوذكسية رفضنا أن نصل إلى اتفاق مع أجهزة الأمن وتوجهنا إلى المحكمة، لأننا لا نثق بالشرطة، بالنظر إلى خبراتنا في الأعياد السابقة”.

من جانبه، عقّب عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي و”حراك الحقيقة” عدي بجالي على قرار المحكمة، قائلاً: “الأمر التنظيمي أبطل الحواجز التي كانت تقيمها قوات الأمن، وأبطل التصاريح المسبقة التي كانت تفرضها قوات الأمن على المصلين للدخول إلى الأرض المحتلة”.

واستدرك بالقول: “ننظر إلى المرسوم بريبة، ولاسيماً في ما يكون على ارتباط بالتزام الشرطة، نحن لم نوافق على العدد، لا 4000 ولا عشرة آلاف، ولكن يُعَدّ القرار متطوراً زيادة عن الذي قامت بتحديده قوات الأمن بـ1500”.

وشدد على أنّ “ذاك يؤكد حق أهل القدس المحتلة والمصلين في معيشة احتفالاتهم الدينية”، مشيراً إلى أنّ قرار المحكمة “يبنى عليه من أجل قضايا أخرى، وعلى إخوتنا أن يأخذوا بتلك الحملة، ويحافظوا على طابع فلسطين الإسلامي القبطي، والحفاظ على الكنائس والمساجد وعلى وجودنا الوطني بالقدس”.

وكانت بطريركية الروم الأرثوذكس قد أكدت قبل 11 يوماً أن شرطة الاحتلال الإسرائيلي فرضت قيوداً على أعداد المحتفلين بسبت النور في فلسطين المحتلة.

وقالت البطريركية: “بديلا عن التراجع عن ممارساتها الماضية، وفيما يتعلق أعياد القيامة المجيدة وسبت النور الهائل لهذه السنة 2022، ولقد أعلمت قوات الأمن البطريركية بممارسات أحادية المنحى إضافية جديدة تضيف إلى قيود إحياء سبت النور الهائل، ومفادها أن الشرطة لن تجيز سوى لألف واحد بدخول كنيسة القيامة في ذلك اليوم العظيم، على الرغم من أنه جرت العادة بدخول أضعاف ذلك العدد، وأيضاً فإنها ستسمح لخمسمائة واحد ليس إلا بدخول البلدة القديمة والإتيان إلى ساحات البطريركية وأسطح كنيسة القيامة المقدسة”.

ورأت البطريركية أنه ليس ثمة ما يختلق أسباب هذه القيود المجحفة الإضافية، في حين شددت البطريركية رفضها الصريح والمعروف والكامل للقيود عموم، وأنها ضاقت ذرعاً بقيود قوات الأمن الإسرائيلية لحرية مزاولة العبادة، وأساليب تعاملها غير المقبول بما يرتبط بحقوق النصارى الطبيعية في مزاولة المناسك والوصول إلى المقدسات في المدينة القديمة من الأرض المحتلة.

وقالت البطريركية: “عليه، قررت البطريركية بهذا أنها لن تتنازل، وأنها متمسكة بقوة الله بحقها بتوفير الخدمات الروحية في كل الكنائس والساحات، وأن الطقوس الدينية والصلوات ستقام كالمعتاد من قبل البطريركية وكهنتها، آملة أن يستطيع المؤمنون المساهمة بها”.

وتابعت: “إن حالة البطريركية هذا مبنيّ على خلفية الحق الإلهي والعرف والتاريخ، ونطالب الشرطة بالتزامه والتوقف عن إنفاذ القيود والعنف الذي، للأسف، أصبح جزءاً مفروضاً علينا قسراً طوال هذه الطقوس المقدسة، مثلما ونحث أبناء كنيستنا الأرثوذكسية على التمسك بالإرث التاريخي والمشاركة بالشعائر والاحتفالات بعيد القيامة المجيد وسبت النور الكبير لذا العام في كنيسة القيامة ومحيطها”.
حماس تنشر رفضها العراقيل الإسرائيلية في مواجهة مسيحيي فلسطين

من جانبها، أعربت حركة “حماس”، اليوم الخميس، رفضها انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق كنيسة القيامة وقراره بتقييد حرية العبادة في “سبت النور”.

وفي خطاب، صرحت “حماس” أن “مرسوم سلطات الانتزاع حرمان الآلاف من مسيحيي فلسطين الوصول إلى كنيسة القيامة والمشاركة في احتفال (سبت النور)، عبر تحديد عدد المشتركين بألف شخص ليس إلا، يحتسب تجاوزاً خطيراً، وتعدياً سافراً على حرية البلوغ إلى مقار العبادة واعتياد أداء الطقوس والاحتفال بالمناسبات الدينية”.

وأشارت الحركة على أن ذلك “يفضح شعارات صون حرية العبادة التي تتشدّق بها سلطات الانتزاع في مواجهة المجتمع الدولي”.

وأكدت على أن “هذه السياسة الإسرائيلية بانتهاك المقدسات الإسلامية والمسيحية، واعتياد أداء الضغوط والتضييق والابتزازات على مكوّنات الشعب الفلسطيني، سوف ترسب في إخضاعه أو ثنيه عن كفاحه وإصراره على إستقلال أرضه وتقرير مصيره”.