خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي

خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي .. الحمد لله الكريم الوهاب، الرازق من يشاء من عباده بغير حساب، وأشهد أن لا إله سوى الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ﷺ وعلى آله وصحبه وأتباعه الشاكرين الأنجاب.

خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي

خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي
خطبة عن الزكاة وأثرها في تحقيق التكافل الاجتماعي

أما حتى الآن، فاتـقوا الله -عباد الله- فإن التقوى طريق الخيرات، ومفتاح الأرزاق والبركات ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من إذ لا يعد.

الخطبة الأولى

أيها المؤمنون: إن من عادة الإنسان حب الثروة ولو كان من كان؛ فإن الله تبارك وتعالى لما ذكر أهـل البر ذكرهم بإيتاء الثروة على حبه وآتى الملكية على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وذكر أنهم ينفقون الأمر الذي يحبون طلبا لدرجة البر لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.

فحب الملكية كلف طبع أعلاه الإنسان، ولما كان الأمر على هذه الملمح امتحن الله الإنسان في ثروته؛ فكتب أعلاه حقوقا فيه، لا يكمل إيمانه إلا بها، وفي ذاك تربية للإنسان ليست من بعدها تربية؛ فيكون المال لدى الإنسان أداة إلى الخير لا غرض، ومكانه اليد لا القلب، ويكون القلب تملك خالصا لله جل جلاله، وذلك هو الإخلاص في العبادة وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ولذا دين السعر.

عباد الله: إذا كانت التضرع تأدية شيء من وقت الإنسان لمناجاة الله، فإن الزكاة أداء شيء من مال الإنسان لله، ومع استمرار الإنسان على هاتين العبادتين العظيمتين، تتربى النفس على بذل الوقت في الخيرات: من عون لمحتاج وسعي في احتياج الناس، وتعلم وتعليم؛ فتتحرر النفس من الأنانية، وتتربى النفس بالزكاة على بذل الثروة؛ لأنها تتحرر من البخل المذموم والشح المطاع، فتكون هذه النفس نفسا ربانية؛ تؤمن أن الملكية ثروة الله.

والخلق عيال الله «وأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله»، فتترقى هذه النفس من إيتاء الزكاة الواجبة فوق منها إلى المسارعة إلى الإنفاق في وجوه الخير المتنوعة، فى الظلام والنهار، سرا وعلانية؛ فتسلم تلك النفوس الطاهرة من الرهاب، ويذهب عنها الحزن؛ لتصير من الذين ينفقون ثرواتهم في ساعات الظلام والنهار تحت الطاولة وعلانية فلهم أجرهم لدى ربهم ولا رهاب عليهم ولا هم يحزنون، ولذلك كانت الزكاة في كتاب الله قرينة التضرع وشقيقتها.

يا أيها الذين آمنوا: إن في الملكية بالفعل غير الزكاة، به يتباين الناس عند الله في الدرجات، ويختلفون في المقامات، بل إن الله تبارك وتعالى ذكره قبل ذكر إيتاء الزكاة فقال: ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام التضرع وآتى الزكاة.

فإيتاء الثروة على حبه لمن خصهم الله مذكور قبل إيتاء الزكاة؛ تذكيرا به، وتنبيها فوق منه، وبيانا أن ذلك مما يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، إلا أن إن البر لا يكتسبه إلا من أنفق مما يحب، لا من غرض ما يرغب أن يتخلص منه من متاع فدفعه إلى محتاج ولا تيمموا الماكر والكريه منه تنفقون ولستم بآخذيه لكن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد.