متى تاريخ العنف ضد المرأة 2022 .. لم يتفق الباحثون على توضيح مفهوم محدد للعنف؛ لتعدد دلالات المفهوم واختلاف المنطلقات التي تناولت نص العنف .
بالنسبة لهيئة الأمم المتحدة ولقد عرّفته في الإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة (1993م) بأنه: «أي إجراء عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب أعلاه أو يرجح أن يترتب فوقه أذى، أو مكابدة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية، أو الجنسية، أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من ذلك القبيل، أو القسر، أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة»
وكما هو ملحوظ فالتعريف واسع فضفاض يستوعب كثيراً الأمر الذي يحتسب من لب الواجبات الدينية، والطقوس الاجتماعية التي يتبناها المجتمع برجاله ونسائه.
نشأة مفهوم العنف ضد المرأة وتطوره
جذور المفهوم:
يصبح على علاقة مفهوم العنف ضد المرأة في المواثيق الدولية بالحركة الأنثوية التي تهدف إلى مساواة المرأة بالرجل مساواة مطلقة، واستقلال المرأة تحريراً كاملاً، بحيث يصبح وجودها قائماً بذاته، غير مرتبط بمن حولها. وقد ظهرت بذور هذه الحركة في عصر النهضة الأوروبية ما بين 1550-1700م، واقتصرت مجهوداتها في بادئ الشأن على تنقيح عدد محدود من المفاهيم والأوضاع الخاصة بالمرأة، القامعة لها، وتركزت متطلبات النسويات على الاعتراف بإنسانية المرأة وكرامتها، وتمكين مفاهيم حديثة تعلي من شأن التعاون والتكامل بين الجنسين.
ثم إزدهار الشأن في القرن الـ8 عشر للمطالبة بمساواة الحريم بالرجال. وفي القرن التاسع عشر ثبت عدد محدود من الفلاسفة الذين طالبوا بمساواة المرأة مع الرجل قانونياً كـ «جون ستيوارت ضجر»، فاتخذت النسويات زمانها آراءه في كتابه «استعباد النساء»، أصولاً للنسوية. كان «مل» يشاهد أن مشاكل البشرية تعود إلى الزواج الذي اجتمعت فيه الأسباب التي أدت لاستعباد المرأة، وطالب بتحويل مفهوم الزواج الجاري على تحديد صلة المرأة برجل شخص بحكم الدين والقانون. حتى منتصف القرن الـ9 عشر كانت أصوات الحريم تسمع منفردة دون تأسيس منظمات، ومع ظهور الثورة الأوروبية وتصاعد الاستدعاء للديمقراطية؛ ظهرت تنظيمات نسائية للمطالبة بهذه الحقوق.
في سنة 1966 أسست الكاتبة الأنثوية «بيتي فريدان» أولى المنظمات الأنثوية، وهي «المنظمة الوطنية للمرأة»، فاستقطبت غالبية المجموعات النسوية اليسارية.. وبعد اتساع عضوية المنظمة غيّرت اسمها إلى «حركة إستقلال المرأة» وعُرفت بينما عقب بالحركة الأنثوية. ونتيجة لأنشطة الحركة الأنثوية في أمريكا، انتشرت ظاهرة الحركات الأنثوية في أوروبا.. وفيما كان الأنثويات في أمريكا يعتقدن أن العائلة هي السبب في سيطرة على المرأة لسلطة الرجل، كانت الأنثوية الفرنسية ترى أن الأنوثة بنية اجتماعية يضعها المجتمع وتتقمصها المرأة، فالمرأة هي التي تتحمل مسئولية وضعها؛ لأنها خضعت للمجتمع، ولذا؛ فإن القضاء على سلطة الرجل يكون عن طريق لغة وفكر وهوية خاصة بالمرأة في نطاق من الحرية الجنسية، والمساواة المطلقة مع الرجل، دون الارتباط بالأسرة.
في العقد السابع من القرن العشرين واجهت التيارات الأنثوية؛ الراديكالية، والاشتراكية، والليبرالية؛ معارضة عنيفة من التيار القبطي المحافظ، فاضطرت الأنثويات إلى توحيد تياراتهن أسفل زعامة الأنثوية الراديكالية، وعملن على تحقيق أهدافهن بواسطة التحالف مع منظمات حقوق وكرامة البشر، وتزامن ذاك مع معيشة المؤتمر الدولي الأضخم للمرأة في مكسيكو سنة 1975.
نشأة المفهوم في المواثيق الدولية:
الجولة الأولى: مرحلة ما قبل ظهور مفهوم «العنف ضد المرأة» في إطار قائمة حقوق وكرامة البشر:
يعتبرّ ميثاق منظمة الأمم المتحدة الذي اعتمد في 1945 أول معاهدة عالمية توميء إلى المساواة بين الجنسين في الحقوق، ثم شدد الإشعار العلني العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر سنة 1948 مبدأ المساواة بين الإنس سوياً، ومع انعقاد المقابلة العالمي الاول للمرأة في المكسيك عام 1975، ومع ارتباط شركات الأمم المتحدة بالمنظمات الأنثوية؛ ازداد المراعاة الدولي بالعنف ضد المرأة. وقد ركزت البدايات الأولى لمعالجة الوحشية في مواجهة المرأة على العنف في العائلة، ونوهت مخطط الشغل التي اعتمدها مؤتمر المكسيك إلى وجوب وضع برامج تعليمية واستحداث أساليب تحل إشكالية الكفاح في الأسرة.
في سنة 1979م صدرت اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، واحتوت العدد الكبير من مسائل الشدة مقابل المرأة، دون أن تصرح باصطلاح «العنف ضد المرأة».
المرحلة الثانية: بداية ظهور «مفهوم العنف ضد المرأة»:
في المقابلة العالمي الـ2 للمرأة المنعقد في «كوبنهاجن» عام 1980، اعتمد أمر تنظيمي بصدد الوحشية في الأسرة، ودعا هذا المواجهة إلى وحط برامج للقضاء على العنف ضد السيدات والأطفال وحماية المرأة من الاعتداء الجسماني والعقلي. وتعد الوثيقة الصادرة من المواجهة أول وثيقة رسمية للأمم المتحدة تتناول العنف مقابل المرأة. وفي المقابلة الدولي الـ3 الخاص بالمرأة في نيروبي 1985، أشير إلى عدد كبير من أشكال الشدة، مثل: الاعتداء في المنزل، البغاء القهري، الإساءة للنساء المعتقلات… وغيرها. واعتبرت منظمة الأمم المتحدة أن العنف ضد المرأة يشكل مانعاً في مواجهة تحقيق أهداف المواجهة، وطالب المحفل بأخذ أفعال وقائية وتدابير تشريعية للحد من القساوة في مواجهة المرأة.
وفي سنة 1989 نشرت اللجنة المعنية بالقضاء على العنف ضد المرأة في دورتها الثامنة، توصية بعنوان «العنف ضد المرأة»، وأوصت اللجنة الدول الأطراف بأن تشتمل تقاريرها الجانب الأمامي للجنة معلومات بخصوص العنف ضد المرأة ما يلي:
1. التشريعات بصدد تأمين المرأة من عموم أشكال العنف.
2. الخدمات الجانب الأمامي للنساء مجني عليه القساوة.
3. ذكر بيانات إحصائية عن أنواع الشدة الممارس مقابل الحريم.
وفي سنة 1990 تناول المجلس الاستثماري والاجتماعي الموالي للأمم المتحدة مفهوم العنف ضد المرأةفي التوصيات الصادرة عن استعراض وتقدير استراتيجيات نيروبي التطلعية، والتي أكد فيها انتشار ظاهرة الشدة ووجوب اتخاذ الممارسات لإنهائها. وفي السنة نفسه عقدت الأمم المتحدة المواجهة الثامن لردع الجناية، وأكد ذاك الاجتماع أن الوحشية في مواجهة المرأة يعد نتيجة لاختلال توازن السلطة بين المرأة والرجل.
الفترة الثالثة: الربط بين مفهوم «العنف ضد المرأة» ومصطلح المفاضلة وفلسفة حقوق الإنسان:
في عام 1991 أوصت لجنة ترتيب المرأة المجلس الاستثماري والاجتماعي بأن يضع إطاراً لصك عالمي بالتشاور مع لجنة التخلص من المفاضلة مقابل المرأة يتناول بصراحة مسألة الوحشية في مواجهة المرأة، واعتمد المجلس المرسوم 1991/8 الذي كان بعنوان «العنف ضد المرأة بجميع أشكاله».. وتحميس القرار الدول على اعتماد تشريعات تحرم العنف ضد المرأة، واتخاذ عموم الإجراءات الموقف لتأمين المرأة من جميع أشكال العنف الجسماني والمعنوي.