يوم 11 يناير 2022 ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال

يوم 11 يناير 2022 ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال … يخلد الشعـب المغربي وبصحبته عائلة الحركة الوطنية والمقاومة وقوات مسلحة التحرر، يومه الاثنين، الذكرى السابعة والسبعون لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال التي تحتفظ بها الذاكرة التاريخية الوطنية، وتستحضر الناشئة والأجيال الحديثة دلالاتها ومعانيها العميقة وأبعادها الوطنية تجسيدا لسمو الوعي الوطني وقوة التحام العرش بالشعب دفاعا عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية واستشرافا لآفاق المستقبل.
وتلك الذكرى تعد من أعز الذكريات المجيدة في ملحمة النزاع الوطني بهدف الحرية والإعتاق وتحقيق الفخامة الوطنية والوحدة الترابية، وهي وقع راسخ في ذاكرة كل المغاربة، الذين يحتفون به إخلاص وبرورا برجالات الحركة الوطنية والصمود وقوات مسلحة الإعتاق، وتخليدا للبطولات العارمة التي صنعها أولاد ذاك الوطن بروح وطنية عالية وبإيمان عميق، وبقناعة بوجاهة وعدالة قضيتهم في إستقلال الوطن، مضحين بالغالي والنفيس في طريق الخلاص من نير الاستعمار وصون العزة والكرامة.
لقد إيقاف المغرب عبر تاريخه العريق بعزم وإصرار في اجتماع اطماع الطامعين مدافعا عن وجوده ومقوماته وهويته ووحدته، ولم يدخر جهدا في سبيل إصلاح وحدته وصبر هائل التضحيات في اجتماع المحتل الغربي الذي جثم على التراب الوطني منذ بدايات القرن المنصرم، فقسم البلاد إلى مناطق نفوذ توزعت بين الدفاع الفرنسية بوسط المغرب، والتأمين الإسبانية بالشمال، والوضع الاستعماري بالأقاليم الجنوبية، فيما خضعت مساحة طنجة لنظام حكم دولي.
ذلك الحال المتسم بالتوزيع والتفتيت والتجزئة للتراب الوطني، الامر الذي ما جعل مأمورية الإعتاق الوطني عصيبة وعسيرة فعل العرش والشعب في سبيلها ضخم التضحيات في سياق كفاح متتابع طويل الأمد ومتعدد الأنواع والصيغ لتلبية وإنجاز الحرية والخلاص من نير المستعمر في تعدد ألوانه وصوره.

يوم 11 يناير 2022 ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال

يوم 11 يناير 2022 ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال
يوم 11 يناير 2022 ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالإستقلال

فمن الانتفاضات الشعبية إلى خوض الاشتباكات العسكرية الضارية بالأطلس المعتدل وبالشمال والجنوب، إلى مراحل النضال السياسي كمناهضة ما سمي بالظهير الاستعماري التمييزي في 16 ماي 1930، وتقديم متطلبات الشعب المغربي الإصلاحيـة والمستعجلـة في 1934 و1936، فتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944.
وعبر تلك المراحل التاريخية، عمل والد الأمة وبطل التحرر والتحرر سمو المغفور له محمد الـ5 طيب الله ثراه على إذكاء جذوتها وبلورة توجهاتها وأهدافها منذ توليه عرش أسلافه المنعمين يوم 18 نونبر 1927، حيث جسد الملك المجاهد رمز المقاومة والفداء قناعة شعبه في التحرير وإرادته في الإعتاق، معبرا في خطاباته التاريخية عن متطلبات الشعب المغربي في الحرية والاستقلال وتمسك المغرب بمقوماته وثوابته الأصيلة والأثيلة، متحديا كل محاولات طمس الهوية الوطنية والشخصية المغربية.
لقد تواصلت سَفرة الكفاح الوطني يقاد من قبل سمو المغفور له محمد الـ5 طيب الله ثراه الذي اغتنم إحتمالية انعقاد لقاء آنفا التاريخي في شهر يناير 1943 لطرح قضية استقلال المغرب وإنهاء نمط الحراسة، مذكرا بالجهود والمساعي المتعجلة التي أداها المغرب من أجل مساندة الحلفاء في حربهم مقابل النازية وفي سبيل تحرر أوروبا من الغزو النازي، وذلك ما أيده الرئيس الأمريكي آنذاك “فرانكلان روزفلت” الذي اعتبر أن طموح المغرب لنيل استقلاله واسترجاع حريته طموح معقول ومشروع.
وانسجاما مع مبدأ حق الشعوب في توثيق مصيرها، حدث تحول نوعي في طبيعة ومضامين المتطلبات المغربية بحيث انتقلت من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال.

اقراء ايضا : نتائج الحركة الانتقالية في المغرب 2022 pdf

وكانت لهذا الانتقال انعكاسات على مسار العلاقات بين سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية وبينها وبين الحركة الوطنية التي كان بطل التحرير والتحرر والمقاوم الأضخم فخامة المغفور له محمد الـ5 طيب الله ثراه رائدا لها وموجها وملهما لمسارها بإيمان عميق وعزيمة راسخة وثبات على المبادئ والخيارات الوطنية.
في هذا التوجه، تكثفت الاتصالات واللقاءات بين القصر الملكي والزعماء والمديرين الوطنيين من طلائع الحركة الوطنية والصمود وقوات مسلحة الإعتاق، وبرزت في الأفق رأي تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال بإيحاء من سمو المغفور له محمد الخامس، ثم شرع الوطنيون في إعداد الوثيقة التاريخية بتنسيق محكم مع سموه وتقر مضمونها.
فكان طيب الله مثواه يوميء عليهم بما تمليه حنكته السياسية من أفكار وتوجيهات كفيلة بإغناء الوثيقة التاريخية والحرص على تمثيلها لكافة الأصناف والشرائح الاجتماعية وأطياف المرأى السياسي في البلاد، حيث تم تقديمها في أعقاب صياغتها الختامية إلى الإقامة العامة فيما سلمت نسخ منها للقنصليات العامة للولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، مثلما أرسلت نسخة منها إلى ممثلية التحالف السوفياتي آنذاك.
وتضمنت وثيقة المطالبة بالاستقلال، بحسب الأصل نفسه، جملة من المتطلبات السياسية والمهام النضالية،تمثلت في شقين، الأكبر يصبح على علاقة بالسياسة العامة وما يهم استقلال المغرب تحت قيادة ملك البلاد الشرعي سيدي محمد بن يوسف، و السعي لدى الدول التي يهمها الشأن لضمان ذلك التحرير، وانضمام المغرب للدول الاستحسان على وثيقة الاطلنطي (الأطلسي) والمشاركة في مقابلة الصلح، أما الثاني فيخص السياسة الداخلية عبر الرعاية المال لحركة الإصلاح وإحداث نسق سياسي شوري شبيه بنظام الحكم في البلاد العربية والإسلامية بالشرق تحفظ فيه حقوق وواجبات مختلَف أنواع وشرائح الشعب المغربي.
وقد كانت وثيقة المطالبة بالاستقلال في سياقها التاريخي والظرفية التي صدرت فيها، ثورة وطنية بكل المعاني والمعايير عكست وعي المغاربة ونضجهم وأعطت الدليل والبرهان على قدرتهم وإرادتهم للدفاع عن مستحقاتهم المشروعة وتقرير مصيرهم ومخطط شؤونهم بأنفسهم وعدم رضوخهم لإرادة المستعمر وإصرارهم على استكمال سَفرة النضال التي تواصلت فصولها بعزم وإصرار في اجتماع النفوذ الغير عربي إلى أن تحقق النصر المبين بفضل ملحمة العرش والشعب المجيدة.
وبحسب الوثيقة ذاتها، فإن عائلة الصمود وجيش التحرير وهي تخلد الذكرى 86 لمعارك جبل بادو في أجواء من الحماس الوطني والتحميل الشاملة لتؤكد على مقتضي الإخلاص والبرور بالذاكرة التاريخية الوطنية وبرموزها وأعلامها وأبطالها الغر الميامين.

وهي في ذات الوقت، تحرص على إيصال المراسلات والعلامات الصلبة وإشاعة حصيلة القيم والمثل العليا ومكارم الأخلاق في أوساط وصفوف الشبان والناشئة والأجيال القريبة العهد والقادمة لتتشبع بأقباسها وتغترف من ينابيعها، ما به تتقوى فيها الروح الوطنية وحب الوطن والاعتزاز بالانتماء الوطني لمواصلة مسيرات الحاضر والمستقبل تحت الريادة المتبصرة والحكيمة لصاحب الفخامة الملك محمد السادس نصره الله لتشييد وإعلاء صروح المغرب الجديد، مغرب الحداثة والديمقراطية والإنماء الشاملة والدائمة والتضامن والتكافل الاجتماعي.

والمناسبة سانحة للتأكيد مجددا، تضيف الوثيقة، على الموقف الثابت للشعب المغربي، وبرفقته أسرة الصمود وقوات مسلحة التحريـر، وسائر مركبات وأطيــاف المجتمع، وتعبئتهم المتواصلة ويقظتهم الموصولة وتجندهم المستديم خلف عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك محمد الـ6 نصره الله، بهدف تثبيت المكاسب الوطنية والدفاع عن وحدتنا الترابية غير القابلة للتنازل أو التفاوض، متشبثين بالمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي رحيب لأقاليمنا الجنوبية المسترجعة في ظل الفخامة الوطنية.